بقلم إكرامي المدلل
رئيس قسم الإعلام بوزارة الأوقاف
ربما كان للحرب الأخيرة على قطاع غزة الأثر القوى في التأثير على جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها في ظل استهداف الاحتلال الصهيوني لكل ما هوا ساكن ومتحرك على وجه أرض غزة, فعندما سنحت الفرصة لقيادة العدو الصهيوني للبدء في ساعة الصفر للضربة الأولى تبادر في ذهني ما فكر به هؤلاء الصهاينة ألا وهو إسقاط الحكومة الفلسطينية بكل ما أوتوا من قوة في ظل ضربات متتالية بدأت بضرب عصب الحياة الأمنية في قطاع غزة مستهدفةً بذلك كافة المقار الأمنية وقيادات أجهزتها العملاقة وعلى رأسها وزير الداخلية الشيخ الشهيد سعيد صيام والذين لبو نداء الوطن بدمائهم الطاهرة والزكية.
فالكل يعلم أن قوات الأمن الفلسطينية رابطت بكل حزم وإصرار بكل مكان وزاوية وركن في قطاع غزة خلال فترة الحرب وذلك للحفاظ على الملف الأكثر تأثراً ألا وهو ملف الأمن فمن منا كان يتوقع أن تقوم هذه القوات بالقيام بواجباتها على أكمل وجه للحفاظ على الجو السائد من الهدوء والطمأنينة منذ أحداث حزيران لعام 2007م
وباشرت هذه القوات منذ اللحظة الأولى للحرب في الانتشار بأماكن متفرقة والسيطرة على أعمال الشغب والشجار, بالإضافة إلى ما هو أهم ألا وهو العمل على كبح جماح العملاء الذين حاولو أن يسعوا في الأرض ليفسدوا فيها, ليُثبت رجال الأمن بهذه العزيمة والإصرار أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً فالحكومة الفلسطينية منذ تسلمها شئون الحكم أحسنت لله عز وجل وأخلصت في عملها تجاه الله أولا ثم شعبها ثانياً بقيادة دولة رئيس الوزراء الدكتور إسماعيل هنية فكانت رحمة الله على عباده الصابرين المرابطين من أبناء شعبنا الفلسطيني والهزيمة والعار للعدو الغاشم الذي حاول بكل ما يملك وتحت غطاء كامل بارتكاب أبشع الجرائم بحق شعبنا.
فالحكومة الفلسطينية جعلت من صمودها مثالاً يحتذى به من خلال التواصل مع المواطنين خلال الحرب وبث رسائل الطمأنينة, للقضاء على حرب الشائعات التي كان يمارسها أصحاب النفوس الضعيفة, بهدف خلق حالة من الخوف والهلع للناس إلى جانب إفقاد الثقة بينهم وبين الحكومة, لكن حالة الصمود التي كان يتمتع بها المواطنون والترابط والعطاء المتبادل بينهما وتفهم الأمور عكس حالة من النصر اليقين للشعب الفلسطيني في ظل تكاثف اجتماعي حتى بين المواطنين مع بعضهم البعض في تفقد احتياجاتهم من حيث المأكل والملبس والمشرب, ورسمت هذه الحالة صورة أصبحت نبراساً يضيء الطريق لأي شعب يقف أمام الظلم لانتزاع حقوقه الشرعية.
فالمقاومة الفلسطينية لم تألو جهداً في تغيير معالم اللعبة التي فاجأت الجميع من حيث التحضيرات والاستعدادات التي لم تكن متوقعة حتى للعدو الصهيوني الذي واجه مقاومة شرسة ومستميتة في الدفاع عن أرضنا, حيث دمرت هذه المقاومة آمال الصهاينة في تحقيق أهدافهم, والتي بدأت تنهار سقف مطالبهم شيئاً فشيئاً من إسقاط للحكومة ووقف إطلاق الصواريخ وتحرير الجندي آنذاك جلعاد شاليط, فكانت أبرز انجازاته قتل عائلات بأكملها كعائلة السمونى التي فقدت 29 شهيداً وعائلة الداية التي فقدت 21شهيداً، بالإضافة إلى استهداف المباني السكنية الآمنة وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير المدارس والمساجد واستهداف سيارات الإسعاف, فبذلك يكون العدو الصهيوني حقق انتصاراً كبيراً على ما هوا ساكن.
إن صمود شعبنا وحكومته ومقاومته خير دليل لتحرك أمتنا العربية ضد الظلم والاستعباد لنيل حرياتها من خلال الثورات التي قامت بها والتي سميت بثورات الربيع العربي, والتي أكدت أمتنا أن الظلم والاستبداد إلى زوال وأن الحق وراية الإسلام ستظل شامخةً حتى إقامة الخلافة الإسلامية الراشدة.
وبالتزامن مع مرور 4 سنوات على حرب غزة الكل يلاحظ تراجعاً كبيراً للاحتلال الصهيوني على المستوى السياسي والدولي الذي يؤكد بذلك قرب زوال الاحتلال عن أرض فلسطين.
لعل هذه الدروس والعبر المستفادة من الحرب تمثل ركيزة مهمة وأساسية من ركائز النصر التي لمسناها بغزة خلال الحرب فالتقيد بما أوصانا به رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وطاعة القائد والإخلاص لله عز وجل يحتم علينا التفاني في العمل في أصعب الظروف لكي ننال بذلك رضا الله سبحانه وتعالى.