صراع الحق والباطل
إن صراع الحق والباطل دائم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها , فترى الباطل يغلب مرة ويستمر ويدوم في سيطرته ولكن ليس للأبد , فسرعان ما ترى الحق قد فاق من سباته وجمع قواه وتغلب على الباطل لأنها سنة الله على هذه الأرض , قال الله تعالى : ‘‘ إن الأرض يرثها عبادي الصالحون ‘‘ , فمهما كان الباطل قويا في فترة من الفترات بسبب انشغال أهل الحق في هذه الدنيا وتكاسلهم عن نشر الدين والدعوة إلى الله , ترى أن الباطل يقوى في حال فتور أهل الحق ويزداد في قوته وطغيانه كالريح العاصفة إن لم تجد من يصدها خربت وأهلكت من أمامها , ولكن إن وجدت من يصدها وقفت عند حد فلا تتجاوزه وتراجعت وخمدت , وهكذا هو الصراع بين الحق والباطل مستمر ما دامت السموات والأرض يقوى الباطل تارة في حال فتور أهل الحق , ولكن الغلبة تراها في النهاية للحق وأهل الحق , نرى ذلك واضحا في بداية الدعوة _ دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم _ فكانت سرا ثم أصبحت علناً , كان الحق ممثلاً في هذه الدعوة دعوة الحق والهدى ضد الجهل والضلال والظلم الذي كان يسود جزيرة العرب والعالم , فجاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يصحح مسار العالم في هذه الدعوة الحق , كان مفردا وسرعان ما أصبح له من الأنصار الذين يناصرون دعوته وازدادت وانتشرت وقويت وتراجع الباطل وضعف وانهزم , ونزلت الآية الكريمة تعلن ظهور الحق وعلوه على الباطل وهزيمته له قال تعالى : ‘‘ ظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ‘‘ , توسعت الدولة الإسلامية وانتشر الحق وهو الإسلام دين العدالة والخير لجميع البشر , دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها , دين إبراهيم عليه السلام قال تعالى : ‘‘ ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ‘‘ , ما الذي يضعف الحق وأهل الحق ويعطي الفرصة للباطل وأهل الباطل بالنهوض وأن يصبح قويا ؟هو الانشغال في هذه الدنيا وملذاتها وترك الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ‘‘ والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي , ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم ‘‘ , ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ‘‘ يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ‘‘ , فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : ‘‘ بل أنتم يومئذ كثير غثاء كغثاء السيل , ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن ‘‘ , فقال قائل يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : ‘‘ حب الدنيا , وكراهية الموت ‘‘ , إذن فلنسعى إلى الخيرية _ أن نكون خير الأمم _ بإصلاح أنفسنا ودعوة غيرنا للصلاح حتى يظل الحق قويا ظاهرا , قال تعالى : ‘‘ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ‘‘ .
بقلم / أ. أحمد محمد أبوخضير
الإدارة العامة للوعظ والإرشاد