يا عاشق الجنة أقبل
يقول الله تعالى : ‘‘ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ’’ , من لا يحب أن تكون له قطعة أرض مساحتها وإن صغرت , وتكون مزروعة بأشجار مثمرة وأرضها مغطاة بالعشب الأخضر , فيرى الخضار حوله ويتنعم بما لذ من الفاكهة وطاب , أبعد نظرك عن ذلك ووسع مداركك وخيالك بأكبر من ذلك , لقد كافأ الله المؤمنين المتقين جنة عرضها السموات والأرض , فهل تخيلت ما هو كبرها وماذا فيها وهل تستحق بأن تضحي بالغالي والنفيس من أجلها وأن تضحي بقطعة الأرض التي أنت تاركها في هذه الدنيا , أخي المسلم هل يوجد مقارنة بين هذين المكانين وبين هذين النعيمين _ نعيم الدنيا ونعيم الآخرة _ نعيم مثل ذرة رمل تسوقها الريح أينما شاءت , ونعيم مثل بحر ثابت متجدد ومستمر , ولو أن نعيم الدنيا يسوى عند الله ما سقى منها كافر شربة ماء , ولكن جعلها الله جنته يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " , فهلا دخلنا إلى جنة ربنا ورأينا ما أعده الله للمؤمنين فيها من نعيم مقيم وملذات متجددة ومستمرة , إذن دعنا نصف هذا المكان ( الجنة ) كما وصفه لنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ....
_ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ألا هل من مشمر إلى الجنة , فإن الجنة لا خطر لها , هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة ومقام قي الأبد قي دار سليمة وقاكهة مخضرة وحبرة ونعمة قي محلة عالية بهية , قالوا : يا رسول الله نحن المشمرون لها , قال : قولوا إن شاء الله , فقال القوم : إن شاء الله ‘‘ ، _ وعن بناءها , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لبنة من ذهب ولبنة من فضة , وملاطها المسك , وحصباؤها اللؤلؤ وترابها الزعفران ومن يدخلها يسلم ولا ييأس , ويخلد ولا يموت , لا تبلى ثيابه ولا بفنى شبابه " , _ وعن درجاتها , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله بين كل درجتين كما بين السماء والأرض , فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه في وسط الجنه وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن " , _ وعن غرفها , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام " , _ وعن خيامها , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤ ة واحدة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم فلا يرى بعضهم بعضا " , _ وعن أكل أهل الجنة , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يتبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون , قالوا : فما بال الطعام ؟ قال : حشاء ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس " , _ وعن سوق أهل الجنة , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا , فيرجعون إلى أهلهيم فيقولون لهم : والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا , فيقولون وأنتم والله ازددتم بعدنا حسنا وجمالا " , _ وعن نساءها , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لقاب قوس أحدكم أو موضع قدم في الجنة خير من الدنيا وما فيها , ولو أن امرأة من نساء الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأن ما بينهما ريحا ولنصيفها خير من الدنيا وما فيها " , وعن المقام فيها وحال أهل الجنة , يقول الرسول صلى الله علية وسلم : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي مناد إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا , وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا , وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا , وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا , وذلك قول الله عز وجل : " ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون " , قهل بعد ذلك نتمسك في نعيم فان ونجرى وراءه ونترك نعيماً باق ولا نسعى له , فحري بنا أن نجتهد لنيله والحصول عليه , قال الفضل بن عياض رحمه الله : " زينت جنة لأمة مثل هذه الأمة ولكن ... لا نرى لها عاشقا !! " .
اللهم اجعلنا من العاشفين للجنة العاملين لها , و أدخلنا إياها بسلام آمنين .
بقلم / أ. أحمد محمد أبوخضير
الإدارة العامة للوعظ والإرشاد