أنعم به من عمل

أنعم به من عمل

إخواني يا من تريدون الفلاح في الدنيا والآخرة , والنشاط الدائم والصحة الوافرة , والقلب النقي الطاهر والعقل المتفتح , بادر سريعا ولا تتردد فباب السعادة لك مفتوح إن أحببت أن تدخله فلبي نداء الحق عندما يقول : حي على الصلاة ... حي على الصلاة , حي على الفلاح ... حي على الفلاح , إن أردت الفوز بالنعيمين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة فلا تنتظر نهاية الأذان فبلسانك ردد نداء المؤذن وبقلبك وجوارحك توجه إلى الصلاة , فهي صلة العبد مع ربه , فإن أردت أن تكلم الله فمفتاح ذلك الصلاة , وإن أردت أن تطلب من الله ويستجيب لك فمفتاح ذلك الصلاة في موضع السجود يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء " , أيضا بين الأذان والإقامة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة " , وإن أردت أن تكون من الموابطين فسبيل ذلك الصلاة يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا وبرفع به الدرجات , قالوا : بلى يا رسول الله , قال : " إسباغ الوضوء على المكاره , وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط " , وإن أردت أن تستظل بظل عرش الرحمن فسبيل ذلك الصلاة يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : " سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله _ وذكر _ ورجل قلبه معلق في المساجد " ,  وإن أردت أن تتمتع بوقتك وتعيش في  روضة من رياض السعادة فسبيل ذلك الصلاة ، فماذا تنتظر ؟ كثير منا يبحث عن طريق السعادة والسعادة الحقيقية وظن أنها في المال أو النفوذ أو المنصب ولكن السعادة الحقيقية سبيلها طاعة الله وأعظم هذه الطاعة الصلاة , يقول إبراهيم بن أدهم أحد الصالحين : " لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف على ما نحن فيه من لذيذ العيش " , فلماذا لا تترك ما بيديك من عمل عند النداء وتتوجه بقلب خاشع إلى الصلاة وتلبي النداء سريعا , تقول السيدة عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم بيننا يضاحكنا ويباسطنا حتى إذا حضرت الصلاة فكأنه لا يعرفنا ولا نعرفه , الصلاة يا عبد الله هي النو ر لك في وجهك فتستطيع أن تفرق بين المصلي وتارك الصلاة من وجهه , وهي النور لك في عقلك فتكون واسع القكر شديد الذكاء والفطنة , وهي نور لك في قلبك فترى بنور الله وتكون لين القلب خاشعه مطمئنه , وهي النور لك في قبرك , وهي النور لك في حشرك يوم القيامة , وهي البرهان لك على إيمانك الصادق , روى الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الصلاة يوما فقال : " من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف " , وهي المحافظة على إيمانك وهي التي تحفظك من الزلات إذا أديتها بخشوع يقول الله تعالى : " أقم الصلاة  إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " , فلا بد من الخشوع الذي هو سبيل قبول الصلاة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليصلى الصلاة ولعله لا يكون له منها إلا عشرها أو تسعها أو ثمنها أو سبعها او سدسها حتى أتى على الصلاة " , فكيف تكون خاشعا في صلاتك ؟ أخي المسلم استحضر قلبك في كل فعل تؤديه في الصلاة , تمعن وتدبر في كل ذكر تقوله وفي كل آية تقرأها , وتذكر الجنة والنار وكن في رجاء بدخول الجنة وفي خوف من دخول النار ، واستشعر حب الله في قلبك وأنك تؤدي هذه الفريضة إرضاء ومحبة له , سئل رجل من العلماء كان يخشع في صلاته , كيف يحصل لك هذا الخشوع العظيم ؟ فقال : " أقوم إلى صلاتي وأجعل الكعبة بين حاجبي , و الصراط تحت قدمي , والجنة عن يميني , والنار عن شمالي , وملك الموت ورائي , واظنها آخر صلاتي " , واعلم أخي المسلم أن الخشوع في الصلاة سبب الفلاح وتكفير الذنوب , يقول الله تعالى : " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " , ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله " , وهو أول عمل سيسأل عنه العبد يوم القيامة , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته , فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر فإن انتقص من فريضته شيء , قال الرب عز وجل : انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك " , وهي الركن الثاني من أركان الإسلام وبدونها وإنكار هذا الركن يخرج المسلم من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " العهد الذي بينتا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " , فأنعم به اللهم علينا من عمل يؤدي إلى صلاح قلوبنا وجوارحنا وأعمالنا الأخرى , ويؤدي إلى الفوز بالجنة , فأرح نفسك وقلبك وعقلك من كل هموم الدنيا بالصلاة , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " يا بلال أقم الصلاة وأرحنا بها " .

اللهم اجعلنا من المحافظين على الصلاة جماعة في وقتها , وارزقنا الإخلاص والتدبر والخشوع فيها , واجعلها مقبولة منا وسائرأعمالنا الصالحة .

                                                                                                 بقلم / أ . أحمد محمد أبوخضير

                                                                          الإدارة العامة للوعظ والإرشاد