قلت هي البداية

قلت هي البداية

وقفت نادماً متألماَ باكياَ على ما مضى من الذنوب والعصيان , عزمت وهممت على تغيير ما بدر مني اتجاه نفسي واتجاه غيري واتجاه ربي , لفد سلكت طريقاَ وقلت في نفسي هو طريق السعادة , فخضت في الملذات من المعاصي , وزين لي الشيطان هذه الأعمال فوجدتها أجمل الأعمال لما تدخل في قلبي وجسدي من الفرحة واللذة , يقول تعالى : " وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون " , وخضت أكثر فأكثر , ومن حولي من الأصحاب _ أصحاب السوء _ يشجعني ويدفعني إلى هذا الطريق , وفجأة كأن بصيص نور اخترق أحشائي ووصل قلبي فدخله بغير إذن مني , فوقفت كأنه مسني جان أقلب الفكر يميناً وشمالاً بعد أن سمعت المؤذن يؤذن لصلاة الفجر وأنا قبلها في المعاصي غارق ولهان , فبدأ المؤذن بالتكبير وكأن الأذان أول مرة يدخل أذني , فقلت في نفسي أنا أعصي الله والله أكبر من كل شيء فلا أخافه , فكففت نفسي عن الذنب , وكبر المؤذن ثانية فارتعدت خوفاً , كأنه يقول لي هل نسيت عظمة الله فعصيته , وتابع المؤذن بنطق الشهادتين , فكأنه يقول لي إرجع إلى ربك وجدد إسلامك , فذهبت مهرولاً ألتمس الماء وأغتسل , وتابع المؤذن بقوله حي على الصلاة , فقلت في نفسي هذا هو السبيل الذي ضيعته فضعت في المعاصي والآثام , وتابع المؤذن بقوله حي على الفلاح , هذا هو طريق الفلاح والسعادة والنجاة , كنت تائهاً عنه والآن أجده , وختم المؤذن أذانه بالتكبير , فجعلت أبكي ندماً على ما ضيعته من الأوقات في معصية خالقي العظيم رب السموات والأرضين , التي كانت عظمته غائبة عن قلبي ولم أحسب حساباً لربي وأقل هناك رقيب حسيب , وبعد أن اغتسلت من ذنوبي توجهت سريعاً إلى المسجد , وفي الطريق قلت هي البداية , كانت طريق المعاصي مزينة لي فكنت أرى فيها سعادة , لكن بعد أن فقت من غفلتي ورجعت إلى ربي وتبت له  قلت هي طريق الندامة , فطريق السعادة هي طريق الطاعة وطريق الطاعة يبدأ بالصلاة , يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " , فيا عاصياً أفق من غفلتك وارجع إلى ربك فطريق الطاعة والعبادة هو طريق السعادة , وهو طريق النجاة من النار ودخول الجنة , وهو المقصد الذي خلقنا من أجله الله , يقول الله تعالى : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " .

جعلنا الله وإياكم من الطائعين لله , القائمين على فرائضه , المنتهين عما نهى عنه .

 

                                                                       بقلم / أ . أحمد محمد أبوخضير

                                                                                                   الإدارة العامة للوعظ والإرشاد