كيف ترى الدنيا واسعة
إذا ضاق قلبك ضاقت الدنيا في عينيك وفي قلبك , وإذا ضاقت قلوب من حولك لك ضاقت الدنيا حولك وصرت في سجن من الضيق , فمتى يتسع قلبك وتتسع قلوب من حولك لك , بداية لنعرف كيف يضيق قلبك يقول الله تعالى : " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاًً حرجاًً كأنما يصعد في السماء " , فالبعد عن الله تعالى ومعصيته تضيق القلوب وتملأها سواداً , لكن طاعة الله تعالى والتقرب إليه باستمرار بالأعمال الصالحات توسع القلوب وتملأها نوراً , حتى يصبح العبد قريباً إلى الله حبيباً للرحمن , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " مَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ ” , أيضاً ما يضيق القلوب ملؤها بالغل والحقد والحسد , وهذا يعمل على نفور الناس من هذا الشخص وكراهيتهم له , عن مولى الزبير ، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "دب فيكم داء الأمم من قبلكم : الحسد والبغضاء ، والبغضة هي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين ، والذي نفس محمد بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا " رواه الترمذي , وصلاح القلب يكون بالعفو وحب الخير لأخيك كأنَّه نفسك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزاً " , ويقول عليه الصلاة والسلام : " إنًَّ الله رفيق يحب الرفق , ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف , ولا يعطي على ماسواه " .
إذن طاعة الله والبعد عن معصيته توجب محبة الله , والعفو وحبك لأخيك ما تحبه لنفسك توجب محبة الناس , والاثنين يوجبان محبة الله تعالى , عن أبي هريرة قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه قال فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه قال فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض" .
وهكذا سترى الدنيا واسعة في نفسك وواسعة من حولك , وستصير حراً طليقاً كالعصفور المحلق في الفضاء لا يعرف حدوده ولا يرسم للفضاء حدود .
اللهم اجعلنا من ذوي القلوب الصافية المليئة بحبك وحب الصالحين من عبادك , وارزقنا طاعتك وحسن عبادتك .
بقلم / أ. أحمد محمد أبوخضير
الإدارة العامة للوعظ والإرشاد