سيف الحق ظاهر

سيف الحق ظاهر

 

سيف الحق ظاهر على أهل الباطل ومن يساندهم ويقف معهم ويؤيدهم , ولكن ليس ظاهراً عليهم فقط بل هو ظاهر على من ادعى أنه من أهل الحق كالمنافقين , وهو ظاهر على أهل الحق إن قصروا أو أخطئوا , فالحق حق على الجميع والحق أحق أن يتبع , والباطل أولى أن يبتعد عنه , والحق هو العدل وهي الشريعة الإسلامية التي جاءت بخير الدنيا والآخرة والمبادئ والقواعد والأحكام الموافقة للفطرة التي فطر الله الناس عليها والتي تضمن للإنسان العيش في عدالة وسعادة , يقول الله تعالى : " فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعملون " .

إذن فلا تهاون مع الباطل حتى وإن صدر من أهل الحق , فالأولى أن لا يصدر منهم فهم القدوة وهم أوجب أن يكونوا على امتثال للحق وبعد عن الباطل , وقد عاتب الله المؤمنين أشد العتاب وأنهم وقعوا في المقت وهو أشد الغضب , ذلك لأنهم ينصحون الناس ولا ينتصحون بما نصحوا أي يقولون ما لا يفعلون , يقول الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " , لذلك فإنّ التهاون مع أهل الحق في فعلهم للباطل مخاطره وخيمة وأضراره كبيرة وفتنه كثيرة , لأن أهل الباطل يتصيدون أخطاء أهل الحق والسكوت على هذا الزلل يعني أنه ليس هناك عدالة في التطبيق , وليس هناك عدل في إيقاع العقوبة على فعل الباطل , وقد حذر الرسول عليه الصلاة والسلام من ذلك وبدأ بنفسه , فعن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتشفع في حد من حدود الله " ثم قام فاختطب فقال : " إنّما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " , فلو أنّ عالماً جليلاً أخطأ أو أذنب لزلت أمة لأنهم يتبعونه ويؤيدون آراءه ويسيرون وفق أقواله وأفعاله , فزلل عالم زلل أمة , لذلك فليتق الله أهل الحق في أقوالهم وأفعالهم ومعاملاتهم لأنّهم الشعلة التي تضيء نهار الأمة فإن أصابها خدش أو كسر ضعف هذا النور وما تزال تصيبهم الخدوش حتى يطفأ نور الحق ويظهر سيف الباطل .

سيف الحق يجب أن يكون قوياً في كل شيء في مبادئه وفي مواقفه , وفي حركته لصد الباطل ونشر الحق , ونرى ذلك في قول أبي بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما عندما منع الخوارج الزكاة وكان موقف عمر بعدم قتالهم فقال له أبو بكر : "  أ جبار في الجاهلية خوار في الإسلام يا عمر , والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم فيه " , هذه قوة الحق وهذا الموقف القوي الذي يجب أن يكون من الحاكم أو المسئول , فأي تهاون أو تفريط يؤدي إلى نتائج لا يحمد عقباها ليس على الفرد بل على مجتمع وقيمه ومبادئه , فلو أنّ أبا بكر رضي الله عنه تهاون في هذا الموقف وسمح لمانعي الزكاة بعدم أدائها لغيبت هذه الفريضة وصار الركن جائزاً عدم تطبيقه ومباحاً ولعطلت فريضة الزكاة فمن أراد أن يؤدها أداها ومن لم يرد لم يؤدها فأصبحت تحت التخيير لا الإلزام والواجب , وقد أكد الله سبحانه وتعالى أنّ الأقوياء في تطبيق مبادئ الحق هم الأكرم والأفضل , يقول الله تعالى  : " إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم " , أي إنّ أفضلكم عند الله أقواكم في إيمانه ظاهراً وباطناً قولاً وفعلاً ومعاملة .

أيضاً لا بد أن يكون قوياً في حركته ضد الباطل , لأن أي تهاون ضد الفساد والمفسدين يؤدي إلى انتشار الفساد والرذيلة وعمومها وهذا ما نراه في بلدان عربية إسلامية , حينما غيب الإسلام عن الساحة وسمح لأهل الباطل بالحركة في كل اتجاه , وجدنا أنّ البلد الإسلامي أصبح مسلماً بالاسم غربياً بالقول والفعل والهيئة .

اللهم اجعل الإسلام عزيزاً قوياً , وانصر أهل الحق واهزم أهل الباطل , واجعل راية الإسلام خفاقة في كل مكان .

  

 

                                بقلم / أ. أحمد محمد أبوخضير

                                  الإدارة العامة للوعظ والإرشاد