استثمار مواسم الخير في عبادات دفع الشدائد: رسائل الأوقاف لمواجهة وباء كورونا

رسائل الأوقاف لمواجهة وباء كورونا

الرسالة الثالثة: 
استثمار مواسم الخير في عبادات دفع الشدائد.

⏳ إن المسلم الفطن يدرك قيمة الوقت وأهميته، وأنه مسؤول عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، فالموفق يفعل الواجب والمستحب بخشوع وخضوع وعلو همة، ويحسن استثمار الأوقات الفاضلة بفواضل الأعمال. 

⏱️ ومما ينبغي على كل مسلم ومسلمة القيام به في مواسم الخيرات وأوقات الشدائد، أن يستثمر كل لحظة فيما يقربه إلى مولاه؛ حتى ينال رضاه، ولله در القائل: الوقت أنفس ما عنيت بحفظه ... وأراه أسهل ما عليك يضيع.

💡 وللعبادات في أوقات الشدائد فوائد كبيرة وعوائد كثيرة، ومن نفائس العبادات في أوقات الشدائد التوبة والإنابة، والتذلل والخشوع، والدعاء والمناجاة، وحسن الظن بالله والاعتماد عليه، والثقة بموعوده وتسليم الأمر إليه، والمداومة على ذكره وشكره وحسن عبادته، والصبر على أقداره وقضائه، فعلى المسلم الذي يريد طرد الهموم والغموم والنجاة من الشدائد أن يستعين بالصبر والصلاة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة : 153].

🤲 وينبغي كذلك الإكثار عِنْدَ الْكَرْبِ من الذكر المأثور: ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ"، وفي سنن أبي داود عن أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ".

📌 ومن المواسم التي نحن بصددها في هذه الأيام يوم عاشوراء، فهو موسمٌ عظيمٌ خيره عميم، فقد جاءت الأحاديث الصحيحة الصريحة حاضة على صيامه؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: "مَا هَذَا؟" قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ؛ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: "فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ". فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. رواه البخاري.

📙 وفي سنن أبي داود بسند صحيح سئل صلى الله عليه وسلم عن صَوْم يَوْمِ عَاشُورَاءَ فقال: إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ "، والمعنى: يكفر ذنوب صائمه في السنة الماضية، وإن لم تكن صغائر يرجى التخفيف من الكبائر ، فإن لم يكن سيئات رفعت الدرجات، والصائم دعوته مستجابة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ : الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ". رواه الترمذي بسند صحيح.

📢 لذلك ندعو أهلنا وشعبنا لصيام التاسع والعاشر من شهر الله المحرم، والإكثار من العبادات بمختلف صورها فردية وجماعية، شعائرية واجتماعية؛ رجاء أن يرفع الله البلاء عن شعبنا والمسلمين جميعا، فمن عجز عن صيام يوم آخر مع عاشوراء اقتصر عليه، فإن أعياه الصيام داوم على ما يستطيعه من العبادات الأخرى، فأبواب القربات أكثر من أن تحصى، والموفق من وفقه الله لتحصيل جلها؛ ليكون له في كل فريسة سهم، وفي كل بستان غرس. 

🤲 والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل

🕌 وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
الخميس ٨ محرم ١٤٤٢ هـ
الموافق ٢٧/ ٨ /٢٠٢٠م.