أقامت وزارة الأوقاف والشئون الدينية مؤتمراً علمياً بعنوان: " الخطاب الدعوي بين الوسطية والغلو " في مركز رشاد الشوا بمدينة غزة وذلك بمشاركة وحضور د. طالب أبو شعر وزير الأوقاف و د. مروان أبو راس رئيس رابطة علماء فلسطين والشيخ عبد الكريم الكحلوت مفتى غزة السابق إلى جانب حشد كبير من رجال الدين والدعاة والعلماء وأساتذة الجامعات ووزراء الحكومة وأعضاء المجلس التشريعي ولفيف من الشخصيات النسوية بالمجتمع الفلسطيني .
أوراق عمل الجلسة الأولى للمؤتمر
واستكمالاً لفقرات المؤتمر بدأت الجلسة الأولى من جلسات المؤتمر حيث اشتملت على ثلاث ورقات عمل.
الورقة الأولى قدمها د. مازن هنية المستشار الشرعي لرئيس الوزراء وهى بعنوان :"الوسطية في الإسلام" استعرض خلالها معنى الوسطية بشكل واضح وفيما ومتى يتم استخدامها موضحا أن الوسطية سمة أساسية من سمات هذا الدين؛ لأنه لا يستطيع أن يقرر لكل ما يليق به من خلال نظرة شاملة تحيط بالأمر من كل جانب، فتوازن بين كل ما فيه من صلاح أو فساد، إلا الخالق الذي أحاط بكل شيء علماً. مستعرضا بعض مظاهر الوسطية في الإسلام بكافة أشكالها ونوه هنية إلى أن أحكام الشريعة ليست صماء جامدة تقف بالإنسانية والحياة عند زمن من الأزمان ولكنها حية مرنة تواجه كل الأزمان إلى نهاية الزمان.
أما الورقة الثانية قدمها د. يونس الأسطل النائب في المجلس التشريعي وهي بعنوان: " الشريعة الإسلامية بين النظرية و التطبيق " تحدث فيها عن التدرج في التغيير فهو منهج الله سبحانه وتعالى, وإن الشريعة الإسلامية نزلت في (23) سنة على خير جيل في تاريخ البشرية على الإطلاق
وأوضح أن الأبواب الفقهية سبعة أبواب كبرى، هي: العبادات, المعاملات, الأحوال الشخصية, العلاقات الدولية, فقه القضاء, فقه الأحكام السلطانية (الخلافة والولاية والوزارة وغيرها من التراتيب الإدارية), ثم فقه العقوبات, إذن فالعقوبات هي الباب السابع والأخير في الفقه، والتشريع ليس إلا جانب من جوانب الشريعة بمفهومها العام، وهو الإسلام.
في حين قدم الورقة الثالثة الشيخ يوسف فرحات مدير دائرة الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف وهي بعنوان: "مرتكزات الخطاب الدعوى في الإسلام" حيث ركز على أهم هذه المرتكزات والتي تمثلت في الانفتاحية في الخطاب الدعوى على العالم الخارجي و التيسير ورفع الحرج حيث أن خطاب الدعاة لا بد وأن يركز على التيسير ونبذ التعسير والتدرج في التبليغ والتطبيق من الضرورات الدعوية
أوراق عمل الجلسة الثانية للمؤتمر
أما الجلسة الثانية قدمها الدكتور ماهر الحولي عميد كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية تضمنت ثلاث أوراق عمل أيضاً، الورقة الأولى بعنوان "الغلو الأسباب والمظاهر والعلاج قدمها د. سلمان الداية ، استعرض فيها بعض ما تضمنه كتاب الله منوها إلى أن كتابه بريئاً من العوج، وبريئاً من الخطأ والضلالة
في حين قدم الورقة الثانية د. جابر السميرى وحملت عنوان "التكفير خطورته وضوابطه الشرعية" تحدث فيها التكفير ووصفه وخطورته وحكمه في الإسلام منوها بأنه لا يجوز للمسلم الإقدام عليه إلا ببرهان واضح ودليل قاطع، كما يجب عليه الاحتياط في ذلك، وكمال التثبت فيه، وضرورة التريث فيه إلى أبعد مدى.
واختتمت الجلسة بورقة عمل قدمها د. محمد ماضي مدير مركز الدعوة والتوحيد وهي بعنوان: "الشروط الشرعية لتغيير المنكر" تحدث خلالها عن فريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهي الفريضة التي بسببها حازت الأمة على الأفضلية موضحا في الوقت ذاته شروط تغيير المنكر والتي تمثلت في أن يكون محرماً مجمعاً عليه و ظهور المنكر و القدرة الفعلية على التغيير و عدم خشية منكر أكبر
توصيات المؤتمر
وفي ختام المؤتمر توصل الباحثين والمؤتمرون إلى عدة توصيات أهمها معالجة ظاهرة التكفير بنشر العلم الشرعي الموروث عن الله ورسوله في الكتاب والسنة وفهمها على هدى سلف الأمة من أصحاب القرون المفضلة من خلال تكوين هيئات عليمة ومراكز خدمة المجتمع لتدريس الشباب العلم الشرعي بالإضافة إلى الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن بالضوابط الشرعية المعتبرة لنجاح الحوار.
وبينت التوصيات دور العلماء والدعاة الربانيين وذلك من خلال القيام بواجبهم نحو ولاة الأمر بالناصحة ونحو المجتمع بالتربية والشباب بالعناية .
وطالب المؤتمر بضرورة دفن الهوة بين العلماء والحكام والشباب وهو ما اعتبر واجب تتحقق به الثقة وتبنى المحبة التي تحت ظلها تحل جميع المشكلات إلى جانب ضرورة تحديد المفهوم الصحيح للغلو لدى المعنيين بهذه الظاهرة من الإعلاميين والكتاب والمربين حتى لا يوصف من يلتزم بالإسلام بأنه مغال.
والعمل على معاجلة مشكلة الغلو من جذورها وذلك بالبحث عن الأسباب والدوافع ووضع الحلول والعلاج المفيد النافع وعدم التركيز على المظاهر فقط.
هذا وأكد المؤتمرون على وجوب التمسك بالمنهج الشرعي في الاستدلال والاستنباط القائم على الأصول الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع وسلوك الطريق السليم لاستنباط الأحكام فيحكم بالخاص وبالمقيد على المطلق وبالمبين على المجمل لأنه سلوك المنهج الصحيح طريق لصحة النتائج والأحكام لان دعاة الغلو استخدموا مناهج خاطئة لاستنباط الأحكام.
ونوه المؤتمرون إلى الحذر من تكفير الغلاة واتهامهم بالخروج والخيانة لأن ألفاظ التكفير والخروج ونجوها ألفاظ شرعية يجب ألا تطلق جزاما بل بناء على ضوابط وقواعد شرعية بالإضافة إلى الحذر من الخلط بين الصحوة والغلو والحذر من أساليب الأعداء التي تبرر ضرب الصحوة الإسلامية تحت ستار ضرب الغلو بوسطين واعتداله تتبناه الأمة بمجموعها والغلو يمثل فئة قليلة من الناس .
واعتبر المؤتمرون الوسطية سمة أساسية من سمات الإسلام والتي تعنى الحكمة البالغة والخيرية والموازنة الدقيقة التي تلاحظ كل شئ فتقرر الأمثل والأصلح والأجدر للفرد والجماعة
وطالب المؤتمرون بضرورة العمل على نشر الخطاب الدعوى القائم على السماحة والتي من أبرز مقوماتها سماحة الخطاب الديني القائم على التحبب والتبشير بالخير والتدرج في التشريع ومسايرة الفطرة والعفو والمرحمة إلى جانب التركيز على رفع الحرج والتدرج والانفتاح على الناس كافة مسلمين وغير مسلمين وصولا بالناس للتمسك بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهاج وحياة.
واشترط المؤتمرون لتغيير المنكر أن يكون متفقا على تحريمه وظاهرا في المجتمع والقدرة الفعلية على التغيير وإلا يترتب على تغييره منكر اكبر.
واختتم المؤتمرون التوصيات بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية وذلك بتطبيق أي حكم من أحكام الدين الاسلامى الحنيف سواء تعلق بالعقائد أو الأخلاق أو التشريعات .