خطب منبرية العدد 5 _ أكتوبر 2009م

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مربع نص: الإصدار الخامس] وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً

وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (

خـُـطـب منـــبريّة مقـــترحـة

من إصدارات الإدارة العامة للوعظ والإرشاد - شوال 1430هـ - أكتوبر 2009م

·           الجمعة الثانية: الخشوع في الصلاة

يعيش المسلمون صحوة إسلامية مباركة بعد حقبة زمنية مُظلِمة في حياة الأمة، فعادت الحياة إلي المساجد وامتلأت بالمصلين، الذين يحرصون على أداء الصلوات المكتوبات في جميع الأوقات. ومع هذا الحرص الشديد يجب الانتباه إلي أهم أركان الصلاة، والذي يُقصّر فيه فئام من الناس، ألا وهو الخشوع والطمأنينة في الصلاة، الذي يُعتبر لبُّها ورُوحهّا، وهو الذي يترك الأثر المحمود للصلاة في حياة المسلم، وبدونه تعتبر الصلاة جوفاء ميتة لا أثر لها ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ .

عناصر:

1. الخشوع والطمأنينة سيما المؤمنين.

2. الخشوع في الصلاة هو الذي يُحقق العبوديّة لله رب العالمين.

3. ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل

4. وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين.

الآيات:

[ البقرة: 45 - المؤمنون: 2 - العنكبوت: 45 ].

الأحاديث:

1. عن عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ الله عَلَى عِبَادِهِ، مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَاتَهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ فَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَسُجُودَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ الله عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ". صحيح رواه أبو داود وأحمد.

2. عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا". حديث صحيح أخرجه مسلم.

3. عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَقُولُ قَالَ الله تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ "الْحَمْدُ الله رَبِّ الْعَالَمِينَ" قَالَ الله تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ" الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" قَالَ الله تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ". رواه مسلم.

4. عن أبي ذر قَالَ: قال رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَزَالُ الله عَزَّ وَجَلَّ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ". صحيح رواه أبو داود والنسائي.

5. عن عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ مَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا إِلَّا عُشْرُهَا تُسْعُهَا ثُمُنُهَا سُبُعُهَا سُدُسُهَا خُمُسُهَا رُبُعُهَا ثُلُثُهَا نِصْفُهَا". صحيح رواه أحمد.

$ $ $ $


·           الجمعة الثالثة: آثار الذنوب والمعاصي

إن خراب الناس وهلاك الأمم إنما يكون بسبب انتشار المعاصي والسيئات والمنكرات، وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا فإذا شاعت المنكرات وسكت الناس عن تغييرها ولم يقوموا بواجبهم في تغيير المنكرات والأمر بالمعروف عمهم الله سبحانه وتعالى بعقاب من عنده، ثم يدعون فلا يستجاب لهم. إن الفساد والخراب الذي يلحق الحياة إنما هو من حيف الإنسان وجوره، وانتهاكه المحرمات وذلك بيّن في قوله تعالى:
﴿ ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ .

عناصر:

1. المعاصي سبب الهلاك.

2. أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

3. الحث على التوبة النصوح.

4. من آثار المعاصي.

الآيات:

[ الأنفال: 25 - الإسراء: 16- الكهف: 59 - الروم:41 - الشورى:30 ].

 الأحاديث:

1. عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ". صحيح رواه أبو داود.

2. عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَؤُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا. وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلاَّ سَلَّطَ الله عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ الله إِلاَّ جَعَلَ الله بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ. حديث حسن أخرجه ابن ماجه وغيره.

3. عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ الله بِعِقَابٍ مِنْهُ. صحيح أخرجه الإمام أبو داود والترمذي.

4. عن زَيْنَبَ بِنْت جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَزِعًا مُحْمَرًّا وَجْهُهُ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ.متفق عليه.

$ $ $ $

·           الجمعة الرابعة: صلح الحديبية. دروس وعبر

في غرة شهر ذو القعدة من السنة السادسة للهجرة , خرج النبي صلي الله عليه وسلم من المدينة المنورة معتمراً لا يريد حرباً وساق معه الهدى وأحرم بالعمرة ليأمن الناس الحرب حين يرون أنه ما خرج إلا زائر للبيت الحرام وفي الطريق بلغة أن قريشاً قد استعدت لحربه ومنعه من دخول مكة فنزل بمكان قريب من مكة يسمى " الحديبية " وأعلن أنه مستعد للصلح مع قريش حقنا للدماء فإن رفضوا بقاتلهم.

وفي نهاية الأمر تم إبرام صلح الحديبية بين المسلمين والمشركين على شروط محددة حيث كان لهذا الصلح أعظم الأثر في مسيرة الإسلام , فقد تفرع المسلمون بعده لبناء دولتهم وتبليغ دعوتهم إلي الناس كافة. وحرى بنا نحن المسلمين أن نتوقف أمام هذه الأحداث التي شهدتها السيرة النبوية العطرة , نستلهم منها الدروس والعبر والعظات , ونستفيد بها في حياتنا وواقعنا خصوصاً في هذه الأيام العصيبة.

عناصر:

1. تاريخ صلح الحديبية وأسبابه.

2. دروس وعبر في صلح الحديبية.

الآيات:

[ سورة الفتح ].

الأحاديث:

1. عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قال: خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ.. حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ فَأَلَحَّتْ، فَقَالُوا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ. قَالَ: فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ وَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ.

فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، فَقَالَ إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ وَمَعَهُمْ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنْ الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمْ الْحَرْبُ وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ الله أَمْرَه.

فَقَالَ بُدَيْلٌ سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ قَالَ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا قَالَ إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ: هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَذَا وَكَذَا فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا بَلَى قَالَ: أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا بَلَى قَالَ: فَهَلْ تَتَّهِمُونِي؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظَ فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ اقْبَلُوهَا، وَدَعُونِي آتِيهِ، قَالُوا: ائْتِهِ، فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا الْإِسْلَامَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ. ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنَيْهِ قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ والله إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا. وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا.

فجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ، فَقَالَ – أي سهيل - هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَاتِبَ، وجرى صلح الحديبية..

والحديث طويل جدًا ومهم، راجعه في صحيح البخاري.

2. عن سَهْل بْن حُنَيْفٍ قال: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، فَإِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ، فَقَالَ: بَلَى، فَقَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ، قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟ أَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ الله بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي رَسُولُ الله، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي الله أَبَدًا، فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ الله أَبَدًا، فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ. متفق عليه.

$ $ $ $

·           الجمعة الخامسة: الحج أسراره وحكمة مشروعيته

يستعد المسلمون من كافة المعمورة للتوجه إلي الديار الحجازيه لأداء فريضة الحج لهذا العام, قاصدين بيت الله الحرام والطواف والسعي والوقوف بعرفة وأداء سائر المناسك وقد فرض الله عز وجل عبادة الحج لمنفعة العباد في الدنيا والآخرة على مستوى الفرد والمجتمع والدولة.

العناصر:

1. فريضة الحج عبادة قديمة.

2. للحج آداب وسلوك ينبغي على الحاج أن يتأدب فيه.

3. على الحاج أن يتزود بما يمنعه عن سؤال الناس وخير زاد: التقوى.

4. من فوائد الحج: التعارف بين المسلمين والتعرف على قضاياهم ومشاكلهم.

5. يهدف الحج إلي تقويم السلوك المعوج وتهذيب النفس.

6. من أسرار الحج: مظهر من مظاهر الوحدة.

الآيات:

[ البقرة: 197 - آل عمران: 97 - الحج: 27 – 28 ].

الأحاديث:

1. عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ الله عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ الله؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قَالَ: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْءٍ فَدَعُوهُ". رواه مسلم.

2. عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّ" رواه مسلم .

3. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى رواه البخاري.

4. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ. صحيح رواه الترمذي

$